الخميس، 9 فبراير 2012

على وقع دموع شمعه !




جلَسَ وحيدا في منتصف الليـل.. ولم يبقى أحـدٌ من أقـرانهِ مفتـوح العينيين .. ولم يتبقـى كـذلك من
بصابيص النور.. الا اشكــالا سُداسيــةً معكــوسةٍ من نافذة الغــرفه مصـدرُها ضوءُ القمر .. لا شيء
يجرؤ ان يخترق سكون الليل البهيـــم في تلك الساعـه.. الا اصواتُ حشراتِ الليلِ تُغازلُ بعضها بعضا!
سحب رِجليهِ الى شُرفة الغُرفة.. يخرقُ ببصرهِ الظلام وأبعاد الصـحراء ســواء .. فكل شيءٍ هنا ساكن..
أشعل السيجاره الثالثه دونما ان يُدخنها .. فقط قعد يُناظِرُها ويســـــألُها.. : هل انتي لي إلى الابد؟ أم
إنك ستتركيني كما تركتني تلك الجاحده..» ودمعت عيناه، وهو كظيم!!.







دخل الى الغُــرفه .. أشعل شمعةً وأطفأ الانوار بعدها .. وجلس بجـانبها ينظـر اليهـا بإعجــاب.. كيف
تُنير لهُ المكان.. وهي تدري ان عمرها قصير! اندهش من تضيحتهــا لهُ بــدونِ مُقابل..!! ولكنـــها أخذت
تبكي كما تبكــي دائما بسيــلان دموعهــا.. سألها ..: شمعتي.. لِم انتي تبكين؟» فأجابتهُ: قُرةُ عيني
ان ارى ظِلّك بهذا الحجم!! فمقدارك أعلى وأعز من ان تكــون وحيدا مهجورا!!» فنظر خلفـــهُ فإذا بظلّه
عِملاقٌ أكبر منه بمرتين ونصف! فسـالت دمعــةٌ جبَّــارةٌ بحجمهــا على خده.. تحكي ملحمة جلجامش
الآشوريه..! تُحاكـي دموع الشمعة التي سُـرعان ما تتجـمد.. وأخــذ شهقـةً طويله وتمتم قائلا : تشعرُ
الشموع بما في دواخلنا.. وبنو البشر لا يفقهون!!» من ثمَّ غيرَ وجهة نظرهُ الى الجدار ووضع يدهُ على جبينه
وضحك!! فسألتهُ شمعتهُ:ما المضحك ودمعتك على خدك؟.. قال: اتدرين.. كنتُ أُلقب هاجرتي بـ(شمعه)
لأنني كُنتُ أراها تلك الشمعه التي ستنير لي الطريق الى الابد!!.







وما هي الا دقائق .. حتــى بــدأت شُعلة الشمعه بالانتفاض كامرأةٍ ممسوسةٍ بمسٍ شيطاني..!! فقال لها
والوجدُ يُحَرِّقُ حبالهُ الصوتيه: هل حان وقتُ الرحيل؟.. أستتركيني كما تركوني؟» .. فنظرت اليهِ وقالت:
لا تحمل عليك محملا كهذا.. فمن تركــك اليوم .. سيبكيــك غدا.. وكما ستشعلُ غداً شمعةً جديدةً ..
اشعل حُبًّا آخر.. ووصيتك لك .. ان تُحسن الاختيار..» .. قالتها .. وعمَّ المكــانُ ظـــلامٌ دامس.. وخيطٌ أبيض
رقيق يتبخرُ الى سقف الغُرفه.. وسُمعَ نحيبٌ في الغرفه.. وتمتماتٌ من رجلٍ اربعيني يقول : ليتني انسى
.. ليتني اسلى ..»!! وتغطى الرجل بغطاء مرقدهِ .. حالماً بحصان طرواده.. يدخل غرفته.. كهديه.. بدون حرب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق